دين ودنيا

بعض خطايا السالكين1-2

.. خطيئة المقارنة والتفريق بين المشايخ ، والوقوع فيما يقع بينهم من خلاف

خطأ شائع وسقطة من سقطات سالكي الطريق الصوفية هو الاغترار بالشيخ حتى أن بعضهم يصل إلى نقطة بعيدة في التفاخر بشيخه والتحدي ومحاولة التلميح أو التصريح بعلوه وعلو مرتبته عن غيره ..وقد يقع في سبيل ذلك في جريمة الحط من قدر المشايخ الآخرين

ويقول اهل الطرق الصوفية -مقولة هامة واساسية (اعرف شيخك.. وحب الكل)

خد بالك هنا قالك إعرف شيخك .. يعني اعرف طريقك وشيخك دليلك ..ولم يخص (شيخك) بالحب ..بل بالمعرفة ..وذلك لأن لكل منا طريق وباب يدخل منه إلى الحضرة فإذا التزم بابه وشيخه فقد دخل إلى الكل .. أما إذا تَلفتَ هنا مرة وهناك مرات ..فقد قالوا مشايخ الصوفية : المتلفت لا يصل إعرف .

الزم شيخك وحب الكل ..الحب للكل شيخك واخوانه المشايخ ..

وقد جاء في كتاب قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر .. لمؤلفه العلامة السيد أبي الهدى محمد بن حسن الرفاعي الخالدي الصيادي:

وغير خاف أن أهل الله الدالين على الله الناصرين لشريعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لا زالت طبقاتهم تظهر في هذه الأمة المرحومة، طائفة بعد طائفة سابقة وخالفة.

الطبقات:

وأول طبقاتهم بعد نبينا تاج الأنبياء العظام عليه الصلاة والسلام طبقة الأصحاب والآل الكرام ( هكذا تم ذكرها وربما تقديم ذكر الأصحاب عن الآل لا يُقصد به تفضيل، بدليل أنه ذكر بعدهما الطبقة التي تليهم بحرف عطف ثم.. التي تفيد الترتيب البعيد بينما الواو في العطف تفيد المشاركة والمعية) ثم التابعين الأعلام ثم الأولياء الفخام رضي الله عنهم.

الأربعة :

وقد اشتهر في المشرق والمغرب بين المسلمين شأن الأربعة الأقطاب الصوفية المعظمين أعني شيخنا ومفزعنا السيد أحمد الكبير الحسيني الرفاعي، وسيدنا السيد الشيخ عبدالقادر الجيلاني الحسني، وسيدنا السيد الشيخ أحمد البدوي الحسيني، وسيدنا السيد الشيخ إبراهيم الدسوقي الحسيني..

فهؤلاء الأربعة بلا ريب خلاصة بقية السلف وأئمة جميع الخلف وأعلام الأولياء وأولياء الصلحاء وأشياخ الخرقة وأقطاب الطريقة والحقيقة ثَبُتَت لدى المسلمين غوثيتهم وولايتهم ووجبت عند الموحدين حرمتهم ورعايتهم ، وهم رضي الله عنهم بمنزلة واحدة في النسب والمرتبة إلا أن الأقوال تنوعت فيهم وفي مشاربهم وأحوالهم ومذاهبهم

وقد وفق الله لكل واحد منهم من أتباعه من جمع آثاره وذكر أخلاقه وأطواره ، والآن قد وفقني الله والحمد لله لخدمة رئيس حزبهم وقائد ركبهم صباح المعرفة المنير مولانا السيد أحمد الرفاعي الكبير، فخدمته بهذا الكتاب المستطاب ورتبته على عشرة أبواب.

..ولم أقصد – الكلام لسيدي الصيادي- فيما اندرج فيه من الأقوال الراجحة والمآثر الواضحة إعلاء منزلته العلية وخفض مرتبة أحد إخوانه الأولياء أهل المراتب الرفيعة الجلية ، وإنما القصد البحث عما مَنَّ الله به عليه من نعمهِ إليه ..

خطأ الجهلة

وذلك، خلافاً لبعض الجهلة من المتصوفة الذين لا يعرفون مناهج الشريعة الغراء والمحبة البيضاء ، فيأخذون بلا علم ولا هُدى ولا كتاب بتفضيل مشايخهم الأنجاب على غيرهم من إخوانهم الأئمة الأقطاب ، ويرومون بذلك موافقة الخلق أجمعهن وكأنهم يريدون بذلك إحياء أصل في الدين يقودون إليه إجماع المسلمين، وما تلك إلا لإعلاء أنفسهم الخسيسة ولانقطاع ملاحظ عقولهم عن آداب الشرع وميزان الطريقة النفيسة .

وإن جميع ما بحثته في هذا الكتاب (قلادة الجواهر..) المبارك من السيرة المباركة الرفاعية زبدتهُ أن سيدنا السيد أحمد الرفاعي قدَّس الله سره من أكمل المتمسكين بسُنة وأخلاق سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، ومن الذين أتحفهم الله بالولاية العظمى وخصَّهم بالكرامة والمراتب العُليا

وكل القوم أهل الله بمنزلة واحدة إلا من ثبتت رفعتهُ على بعض إخوانه بالنص، والاعتقاد بهم بركة والتسليم لهم فيما يقبل التأويل سلامة

وإن السيد أحمد الكبير الرفاعي من أصح القوم وصلة وأقربهم فيضاً لأن طريقه طريقي ومنهجه منهجي وأرى أن كل رجل من أتباع الأولياء يجب عليه هذا في شأن شيخه كما يجب على مقلد مذهب (فقهي) العمل بقول صاحب مذهبه مع تعظيم باقي الأئمة رضي الله عنهم.

وذاك، خلافا ً للممقوتين والجاهلين الذين يعملون بالهوى ويشترون الضلالة بالهدى ويقولون بأقوال جماعة من المجهولين ولو عارضت قول رب العالمين.. فما هذا والله بطريق العارفين ولا بسلوك السلف الصالحين .

نعم، من الأدب أن يُعَظِّم التابع متبوعه قلباً ولساناً ونطقاً وجَناناً لكن بشرط تقييد ذلك بنفسه لا غير.

وفي هذا الأدب عند القوم حصول الفيض والخير.

وقال الشيخ ناصر البغدادي نفعنا الله به في كتابه معراج السالكين الذي استفاده من القطب العارف بالله السيد حسين برهان الدين الصيادي الرفاعي حين سأله عن أفضل الأولياء وعن أقرب الطرق إلى الله تعالى فقال رضي الله عنه: الأفضلية في الأولياء مجهولة وليس لأحد من الأمة أن يحدث في الدين فإن النصَّ خَصَّ وما انقطعت عنه في هذا الباب النصوص انقطعت عنه المباحث.

خطف المرين حرام

إلا أن القوم مع علمهم بأن الأفضلية علمها عند الله ورسوله رجحوا مشايخهم ترجيح اعتقاد، فإن القلب يجزم والمحبة تُلزِم وليس للرجل أن يقود رجلاً آخر انتسب إلى شيخ آخر إلى اعتقاده وجزمه .. كما عليه أكثر الناس اليوم، وما ذلك إلا من الجهل بالشرع وسوء الأدب في الطريق.

.. وكما يُقال على لسان السادة : ليس منا من فرق بيننا.

فد يهمك :
-حكاية السالكين الى الله

زر الذهاب إلى الأعلى