صحتك بالدنيا

أسباب العقم.. الخيارات العلاجية المتاحة

مقدمة عن العقم وتعريفه الطبي

العقم هو حالة تصيب بعض الأزواج وتُعرّف بعدم القدرة على الإنجاب بعد مرور سنة كاملة من العلاقة الزوجية المنتظمة دون استخدام أي وسيلة منع حمل. تختلف أنواع العقم بين “الأولي” عندما لا يحدث حمل مطلقًا، و”الثانوي” عندما يكون هناك حمل سابق لكن لم يتكرر لاحقًا. يعاني ملايين الأزواج حول العالم من هذه الحالة، مما يجعل فهمها والتعامل معها ضروريًا نفسيًا وجسديًا.

العقم ليس مشكلة فردية، بل هو مسألة زوجية تتطلب مشاركة الطرفين في الفحص والعلاج. في هذا المقال، سنستعرض الأسباب الشائعة، وطرق التشخيص، والتقنيات الحديثة، إلى جانب أهم النصائح الوقائية والعلاجية.


إحصائيات العقم عالميًا وعربيًا

وفقًا لأحدث تقارير منظمة الصحة العالمية لعام 2025، يُقدّر أن حوالي 15% من الأزواج في سن الإنجاب يعانون من العقم. وتُظهر الإحصائيات في الدول العربية تفاوتًا في النسب تبعًا للبيئة، الثقافة، ومستوى الرعاية الصحية، حيث تصل في بعض الدول إلى نحو 20%.

الملاحظ في السنوات الأخيرة زيادة نسب العقم الناتجة عن العوامل البيئية ونمط الحياة، مثل التلوث، التوتر، والتأخر في سن الزواج. كما أن عدد من الأزواج أصبحوا أكثر وعيًا بالسعي المبكر للعلاج مقارنة بالعقود الماضية.


الأسباب الشائعة للعقم عند الرجال

من أبرز أسباب العقم الذكوري

انخفاض عدد الحيوانات المنوية

قلة عدد أو ضعف حركة الحيوانات المنوية يعد من أكثر الأسباب شيوعًا، وقد ينتج عن عوامل وراثية أو بيئية مثل التعرض للحرارة العالية، الكيماويات، أو إشعاعات.

اضطرابات الهرمونات

اختلال مستويات هرموني التستوستيرون وFSH يؤدي إلى ضعف إنتاج الحيوانات المنوية. قد يكون السبب داخليًا (اضطراب في الغدة النخامية) أو خارجيًا (أدوية، كحول، إلخ).

دوالي الخصية

هي حالة شائعة تتمثل في توسع الأوردة داخل كيس الصفن، مما يؤثر على درجة حرارة الخصيتين ويقلل من كفاءة إنتاج الحيوانات المنوية.

العوامل الوراثية والبيئية

تشمل الطفرات الجينية، العدوى المنقولة جنسيًا، والتعرض للمواد السامة أو الأشعة.


الأسباب الشائعة للعقم عند النساء

النساء قد يعانين من العقم لأسباب متعددة، منها:

اضطرابات الإباضة

مثل متلازمة تكيس المبايض (PCOS) أو اضطرابات في الهرمونات تؤدي إلى توقف أو عدم انتظام عملية التبويض.

انسداد قنوات فالوب

بسبب التهابات مزمنة أو عدوى أو جراحة سابقة، مما يمنع التقاء البويضة بالحيوان المنوي.

بطانة الرحم المهاجرة (Endometriosis)

تنمو أنسجة مشابهة لبطانة الرحم في أماكن غير طبيعية مسببة التهابات، ألمًا، وعوائق ميكانيكية للحمل.

مشاكل الرحم والتشوهات الخلقية

مثل الحواجز أو الأورام الليفية، والتي تعيق انغراس الجنين.


العوامل المشتركة المؤثرة على الخصوبة

بعض العوامل تؤثر على الخصوبة لدى كلا الجنسين، وتشمل:

  • التقدم في العمر: يقل عدد وجودة البويضات والحيوانات المنوية بعد سن 35.
  • السمنة أو النحافة الشديدة: تؤثر على التوازن الهرموني.
  • التدخين وتعاطي الكحول: يضعف الإباضة وجودة الحيوانات المنوية.
  • التوتر والإجهاد النفسي: يؤدي إلى اضطراب الهرمونات وتقليل فرص الحمل.

قد يهمك :
سن اليأس : اعراضه وطرق التعامل معه

الفرق بين العقم الأولي والعقم الثانوي :

  • العقم الأولي: هو عدم حدوث حمل نهائيًا منذ بداية الزواج، رغم مرور سنة من العلاقة الزوجية المنتظمة دون استخدام موانع حمل.
  • العقم الثانوي: هو عدم القدرة على الحمل مرة أخرى بعد حدوث حمل واحد على الأقل سابقًا، سواء انتهى بولادة أو إجهاض.

كلا النوعين يتطلبان تشخيصًا دقيقًا، لكن الأسباب قد تختلف بينهما، وكذلك الاستجابة للعلاج.

طرق تشخيص العقم

  1. الفحص السريري والتاريخ الطبي : يبدأ التشخيص بمراجعة التاريخ المرضي، الأدوية، الدورة الشهرية، والعوامل البيئية.
  2. تحاليل الهرمونات والسائل المنوي : تحاليل مثل FSH، LH، Prolactin للنساء، وتحليل السائل المنوي للرجال، تساعد على تقييم الحالة بدقة.
  3. الفحوصات التصويرية : مثل السونار المهبلي، أشعة الصبغة، والرنين المغناطيسي لتقييم المبايض، الرحم، وقنوات فالوب.
  4. تنظير البطن أو الرحم :لتشخيص بطانة الرحم المهاجرة أو الالتصاقات الرحمية.

تأثير العوامل النفسية على العقم

ازدادت الأدلة العلمية التي تربط الصحة النفسية بالخصوبة:

  • التوتر يثبط الإباضة ويؤثر على إفراز الهرمونات المنظمة للدورة.
  • القلق يضعف جودة الحيوانات المنوية ويقلل من الدافع الجنسي.
  • العلاجات النفسية والسلوكية أظهرت فعالية في تحسين فرص الحمل، خاصة عندما تكون الأسباب غير مفسرة.

الخيارات العلاجية المتاحة

  1. الأدوية المحفزة للإباضة مثل كلوميد أو الجونادوتروبينات، وتستخدم حسب الحالة.
  2. الجراحات التصحيحية لعلاج دوالي الخصية أو فتح قنوات فالوب.
  3. العلاج الهرموني لتنظيم اضطرابات الغدة الدرقية أو البرولاكتين.
  4. العلاج النفسي والسلوكي مفيد في تقليل التوتر وتحسين الحالة المزاجية.

التقنيات الحديثة لعلاج العقم

  1. أطفال الأنابيب (IVF) : تعد من أكثر الطرق فعالية، وتستخدم في حالات انسداد قنوات فالوب أو ضعف الحيوانات المنوية.
  2. الحقن المجهري (ICSI) : يُستخدم عندما تكون الحيوانات المنوية ضعيفة أو قليلة جدًا.
  3. التلقيح الصناعي (IUI) : يُفضّل في حالات العقم غير المفسر.
  4. تجميد الأجنة والبويضات : يوفر خيارات مستقبلية للنساء الراغبات في تأخير الإنجاب أو المحتاجات لعلاج السرطان.

البدائل غير الطبية لعلاج العقم

في السنوات الأخيرة، ازداد الاهتمام بالطرق الطبيعية والبديلة لتعزيز الخصوبة، إلى جانب العلاجات الطبية التقليدية.

الطب البديل والعلاج بالأعشاب

  • الماكا: جذر نبات يساعد على تنظيم الهرمونات وزيادة الرغبة الجنسية.
  • البردقوش والقرفة: لهما دور في تنظيم الدورة وتنشيط المبايض.
  • الحجامة: تُستخدم لتحسين الدورة الدموية والهرمونات.

ملحوظة : يجب استخدام هذه الطرق بإشراف مختص، وعدم استبدالها بالعلاج الطبي دون استشارة.

النظام الغذائي

  • الغذاء الغني بمضادات الأكسدة (مثل التوت والمكسرات): يحسن جودة البويضات والحيوانات المنوية.
  • الابتعاد عن السكريات المصنعة والأطعمة المحفوظة.
  • الإكثار من الماء والخضراوات الورقية.

الرياضة والنشاط البدني

  • تساعد في تقليل الوزن وتحسين المزاج وتنظيم الهرمونات.
  • تجنب الإفراط في الرياضة العنيفة لأنها قد تؤثر سلبًا على الخصوبة.

نصائح للوقاية من العقم

  • تجنب الزواج المتأخر إذا كانت هناك نية للإنجاب المبكر.
  • إجراء فحوصات دورية للأزواج المقبلين على الزواج.
  • الامتناع عن التدخين والكحول.
  • تجنب التعرض للمواد الكيميائية، خاصة في أماكن العمل.
  • التحكم بالضغط النفسي من خلال تقنيات الاسترخاء والتأمل.

الحالات التي تستدعي استشارة الطبيب فورًا

  • تأخر الحمل لأكثر من 12 شهرًا رغم المحاولة المنتظمة.
  • اضطرابات في الدورة الشهرية أو انقطاعها.
  • وجود تاريخ من الإجهاض المتكرر.
  • ألم شديد أثناء الدورة قد يشير إلى بطانة الرحم المهاجرة.
  • ضعف جنسي أو مشاكل في الانتصاب والقذف عند الرجل.

الأسئلة الشائعة حول العقم

1. هل العقم دائم؟

ليس دائمًا. كثير من حالات العقم قابلة للعلاج أو التحسين سواءً طبيًا أو من خلال تقنيات الإنجاب المساعدة.

2. هل يمكن الحمل بعد سن الأربعين؟

نعم، لكن الخصوبة تقل بعد سن 35، ويزداد خطر المضاعفات. تقنيات مثل أطفال الأنابيب قد ترفع من فرص النجاح.

3. ما الفرق بين IVF وICSI؟

IVF يعني تخصيب البويضة بالحيوان المنوي خارجيًا، أما ICSI فيعني حقن الحيوان المنوي داخل البويضة مباشرة.

4. هل يؤثر الوزن على الخصوبة؟

بشكل كبير. الوزن الزائد أو النقص الحاد يؤثر على التوازن الهرموني والإباضة.

5. هل هناك علاقة بين العقم والتوتر النفسي؟

نعم، التوتر المزمن يؤثر على هرمونات الإنجاب، ويقلل فرص الحمل.

6. كم مرة يجب تكرار المحاولات في التقنيات المساعدة؟

تُوصى المحاولات بين 3 إلى 6 دورات حسب عمر المرأة وجودة البويضات والحيوانات المنوية.

الخلاصة والتوصيات النهائية

العقم لم يعد نهاية المطاف، بل يمكن التعامل معه بنجاح كبير بفضل التطورات الطبية والتقنية في عام 2025. المفتاح هو الفحص المبكر، التشخيص الدقيق، اختيار العلاج المناسب، والتحلي بالصبر.

توصيات مهمة:

  • لا تؤجل الاستشارة الطبية بعد عام من المحاولة.
  • حافظ على نمط حياة صحي.
  • ابحث عن الدعم النفسي من الأطباء أو مجموعات الدعم.
  • استكشف كل الخيارات المتاحة وناقشها مع الطبيب المختص.

المراجع
منظمة الصحة العالمية – الصحة الإنجابية

زر الذهاب إلى الأعلى